vendredi 15 juillet 2011

(3) طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد


إنّ ماقدمته من إقتباسات من كتاب الشهيد "عبد الرحمن الكواكبي" يعد غيض من فيض لأّن مجمل مافيه يعد إقتباسا ولا تغني في أي حال من الأحوال عن قرائته مجملا، و اليوم أعرض ماتبقى مما ألهمت بإقتباسه 
:
- فكلُّ ما تبنيه التربية مع ضعفها يهدمه الاستبداد بقوته، وهل يتمُّ بناءٌ وراءه هاد

  -لهذا تبقى الأديان في الأمم المأسورة عبارة عن عبادات مجرّدة صارت عادات، فلا تفيد في تطهير النفوس شيئاً، ولا تنهى عن فحشاء ولا منكر لفقد الإخلاص فيها تبعاً لفقده في النفوس

- الأسير المعذَّب المنتسب إلى دين يسلّي نفسه بالسعادة الأخروية، فيعدها بجنان ذات أفنان ونعيم مقيم أعدَّه له الرحمن، ويبعد عن فكره أنَّ الدنيا عنوان الآخرة، وأنَّ ربما كان خاسراً الصفقتين، بل ذلك هو الكائن غالباً.

- أما ملذّات هؤلاء التعساء فهي مقصورة على لذتين اثنتين؛ الأولى منها لذة الأكل، وهي جعلهم بطونهم مقابر للحيوانات إن تيسَّرت، وإلا فمزابل للنباتات، أو بجعلهم أجسامهم في الوجود كما قيل: أنابيب بين المطبخ و(الكنيف) ، أو جعلها معامل لتجهيز الأخبثين. واللذّة الثانية هي الرّعشة باستفراغ الشهوة، كأن أجسامهم خلقت دمامل جرب على أديم الأرض، يطيب لها الحكّ ووظيفتها توليد الصديد ودفعه. وهذا الشره البهيمي في البِعال هو ما يعمي الأسراء ويرميهم بالزواج والتوالد.

- وهكذا يعيش الأسير في حين يكون نسمة في ضيق وضغط، يهرول ما بين عتبة همٍّ ووادي غمٍّ، يودِّع سقماً ويستقبل سقماً إلى أن يفوز بنعمة الموت مضيعاً دنياه مع آخرته، فيموت غير آسف ولا مأسوف عليه.

-ومن غريب الأحوال أنَّ الأُسراء يبغضون المستبدَّ، ولا يقوون على استعمالهم معه البأس الطبيعي الموجود في الإنسان إذا غضب، فيصرفون بأسهم في وجهة أخرى ظلماً: فيُعادون من بينهم فئةً مستضعفةً، أو الغرباء، أو يظلمون نساءهم ونحو ذلك .

- وقد يبلغ فعل الاستبداد بالأمة أن يحوِّل ميلها الطبيعي من طلب الترقّي إلى التسفُّل، بحيث لو دُفِعَت إلى الرِّفعة لأبت وتألَّمت كما يتألَّم الأجهر من النور، وإذا أُلزِمَت بالحرية تشقى، وربما تفنى كالبهائم الأهلية إذا أُطلِق سراحها. عندئذٍ يصير الاستبداد كالعلق يطيب له المقام على امتصاص دم الأمة، فلا ينفكُّ عنها حتى تموت ويموت هو بموتها.

-"يا قومُ: رحمكم الله، ما هذا الحرص على حياةٍ تعيسةٍ دنيئة لا تملكونها ساعة! ما هذا الحرص على الراحة الموهومة وحياتكم كلُّها تعبٌ ونصَب! هل لكم في هذا الصَّبر فخرٌ أو لكم عليه أجر؟ كلاّ

- ولو اهتديتم إلى السبيل لعلمتم أنَّ الهرب من الموت موتٌ، وطلب الموت حياة، ولعرفتم أنَّ الخوف من التعب تعبٌ، والإقدام على التعب راحةٌ، ولفطنتم إلى أنَّ الحرية هي شجرة الخلد، وسُقياها قطرات من الدم الأحمر المسفوح، والأسارة هي شجرة الزقّوم، وسقياها أنهر من الدم الأبيض؛ أي الدموع، ولو كبرت نفوسكم لتفاخرتم بتزيين صدوركم بورد الجروح لا بوسامات الظالمين؟!".

-إنَّ جرثومة دائنا هي خروج ديننا عن كونه دين الفطرة والحكمة، دين النظام والنشاط، دين القرآن الصريح البيان، إلى صيغة أنَّا جعلناه دين الخيال والخبال، دين الخلل والتشويش، دين البِدَع والتشديد، دين الإجهاد. وقد دبَّ فينا هذا المرض منذ ألف عام .

- وأن تعلموا أنَّكم خُلِقتم أحراراً لتموتوا كراماً
- وتقرير شكل الحكومة هو أعظم وأقدم مشكلة في البشر، وهو المعترك الأكبر لأفكار الباحثين.

- قرَّر الحكماء أنَّ الحرية التي تنفع الأمَّة هي التي تحصل عليها بعد الاستعداد لقبولها.

- والخلاصة: أنَّ الراغب في نهضة قومه، عليه أن يهيئ نفسه ويزن استعداده، ثمَّ يعزم متوكِّلاً على الله في خلق النَّجاح.

-ومبنى قاعدة أنَّ الاستبداد لا يُقاوم بالشدة، إنما يُقاوم بالحكمة والتدريج هو: أنَّ الوسيلة الوحيدة الفعّالة لقطع دابر الاستبداد هي ترقّي الأمَّة في الإدراك والإحساس، وهذا لا يتأتى إلا بالتعليم والتحميس.
- لا ينبغي أن يُقاوَم بالعنف، كي لا تكون فتنة تحصد الناس حصداً.


إنتهى.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire